مقام آل عمران
(1)
بدأت علاقتي بسورة آل عمران في صيف "2012" وأنا أجري بين المساجد أدرك ركعتين،في كل منهم، هرباً من شيوخ الأوقاف، ومن أئمة حري بهم ألا يقدموا لإمامة الناس في شهر الفتح والبركات.
كانت آية " يعز من يشاء ويذل من يشاء" هي الفتح المبين، أخذت بقلبي إلى التجول في المصحف بحثاً عن تثبيت الله مما زلزلنا من فواجع عظام. كنت أنفض الدمع والدم الذي في مخيلتي وأنا أتصور أن الله قد أذل من سبقهم، و أعزنا بعض يوم، وألحقت بنا الذلة وهو القادر ...فتثبيتاً من عند أنفسهم ونصراً من لدنه فحسب.
(2)
كل منا يحضر قلبه بطريقة ويستكين بآخرى، وأنا لا أعرف كيف يتفطر كبدي عن آي القتال، وكيف لم ألحظ جلال السورة قبل اليوم، وقد ضمت جوانحها حكاية نصر بدر بألاف من الملائكة منزلين، ومحنة أحد وثبات الذين صدقوا وما بدلوا تبديلاً.
تذكرني نسمة بقول الله " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم" و أنا أكمل " إن تكونوا تألمون فأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون"
وكأن الله قد سوى كل نفس وخلق الله من اليقين ما يطيب به خاطرها؛ ونحن الذين خلقتنا نسعى فى الأرض نحسب أننا نبتغي وجهك بقضاء حوائج عبادك، أو قول الحق ودفع الظلم، يمسنا الشر والذلة ومخافة الفتنة، ألا أنزلت على قلوبنا برداً يارب؟؟.
نسأله اليقين الجلي كنور الشمس لا تصيبه فتن كقطع الليل مظلمة.
(3)
يتهدج صوت الشيخ يتلو " إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظلمين"
يا الله ... كأنك تخاطب جراحنا نحن وقد مسنا القرح المبين وحقت علينا سنتك في تداول الأيام. فحسبنا أننا منصورون وأننا مهزومون وكلها دول جرت بيننا وبين الظالمين.
لا نعرف أين نهرب حين نجرح؟ وفيم آلامنا؟ وعلة الشر والذِلة؟ ومهما رُزقنا من علم وفهم يبقى موضع اليقين القلب؛ يملأه فيصير جناناً ثابتة الأركان، أو ينخفض حمله فنصبح جميعاً وقلوبنا شتى.
ثم إنا نسألك الشهادة وقد نسينا أنك تتخذ شهداء! تتخذهم وتصطفيهم وتطهرهم، وهم يسيرون بيننا يأكلون كما نأكل، ويذرفون الدمع، ويظلمون ويُظلمون، لكن قد اصطفيتهم يارب. فأنعم علينا باصطفائك، حيارى بلا هداك، مكلومون بلا جبرك، اصطف منا الشهداء والصديقين يا من تتخذهم -بلا مًريد لرفعتهم سواك-.
(4)
" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جهدوا منكم ويعلم الصابرين"
بلى يارب حسبنا أن ندخل الجنة ونُمكن في دار الفناء، ونؤتى اليقين والاستعمال والخدمة والمحبة، وكل هذا بلا جرح ولا قدح.
واليوم أُلقي في رَوْعنا النور أن كنا على ضلالة. لا تلهج ألسنتنا إلا سؤالك دفع الفتن يارب، فما لنا بها قوة.
نصبر يارب.. ولكنك المعين تؤت الحكمة من تشاء وتؤت الصبر من تشاء، فارزقنا صبر الأنبياء ودأبهم.
وأرنا سبيل الجهاد الحق، وأعنا على جهاد شرور أنفسنا، ودفع ذُُرى الباطل التى اعترت سبلنا بسوادها، واصطفنا يارب، فما لنا عيش إلا عيش الشرفاء بِك.
(5)
" والراسخون في العلم يقولون أمنا به كل من عند ربنا" "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب"
هم قد هدأت نفوسهم إذ رسخوا في العلم يارب واهتدوا بفضلك يارب، ونحن نسألك العلم بك والفهم عنك. ارزقنا العلم السليم يلج القلب السليم فيكن له هدي ورحمة. لا نعرف بابا نلتمس فيه العلم وقد تشابه علينا يا مولانا، فارشدنا وهئ لنا من أمرنا رشداً.
" إن الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا"
"هو" قد رأيت فى عينه ثباتاً ويقيناً والله ما شهدته منذ سنوات. كلنا تائهون، كلنا تؤمن عقولنا وما بلغت قلوبنا مقدار ذرة من بصيرة، الظُلَمُ أخذت بأفئدتنا أخذا عزيزاً. و "هو" -رغم عظيم المحنة- قد وُسع له في صدره رياضاً من رضوانك وجنةَ.
استحال صدري ضيقاً حرجاً كأنما أصعد في السماء، فما حسبت أن يقيني زائف حتى رأيت بعيني كيف تكون آي اليقين في قلب عبد مؤمن - نحسبه ولا نزكيه-.
قد تكون أحمالنا كريشة ونهلع لها وتكون أثقالاً فنحتمل، فهذه السعة منك يارب، سُرنا بين يديك، ترفع عن أرواحنا وترزقنا الثبات واليقين.
(6)
تماماً كما سبقتها أختها في أول الحزب الثاني من الجزء الثاني، "وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ".
في أول الحزب الثاني من الجزء الرابع تأتي البشرى، "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ "
أذكره وهو يتخفى بالصدقة وبركعتى الليل، يقول أنه سينهي عملاً أو ينام قليلاً، وهو يترك رغد العيش وطيب المقام إلي مبيت في الجبال بين الرصاص والدماء، ثم يوص قبل أن تبارح قدماه موطنه " إن مت ورأيتم لي آثار شهادة، فأخفوا خبري وخبروا الناس أى شئ غير ما تقدمت لله به، أرجو الإخلاص فأعينوني عليه". يخطئ في همزة القطع -يصلها- فيشطب بقلمه الأزرق ويعيد الألف بخط منتظم ثابت النهايات.
يحسب الناس يارب أنهم أموات، بلى يارب لا يشعرون، ولا يبصرون. لكن من عاشر شهيداً يعرف كيف يكون بين جنبيه، يعرف بركته تحل، وذكراه لا تنقطع، ورجاء شفاعته فيمن لم يلحقوا بهم. يطمأنهم قولك أنهم فرحين يما أتيتهم من فضلك، ينسيهم الوعد أنهم "مقتولون" فلا نقول عنه إلا "الشهيد الغريب".
نطمع في عظيم المقام يا مولى الضعفاء، نستحي أن نسألك مقامهم ونحن من نحن عليه، نعيد الدعاء (أن ترزقنا أعمالهم وصدق سرائرهم وإخلاص نواياهم وما وقر في قلوبهم)، نطمع في منازل فيها لا خوف علينا ولا نحزن ونحن كلنا دنس، فنسألك أن تطهرنا وأن تصلح نوايانا وأعمالنا.
نعلم أنا لو صدقنا العزم لوجدنا السبيل، وكلنا ضعف فنسألك العزم وسواء السبيل.
(7)
نحن بك وإليك يارب، عسانا نكون، وتستوي طرائقنا، وتهتدي نفوسنا، نحن من نورك ومن زمرة عبيدك الجهلاء يلتمسون خطى العارفين، ألا فتحت علينا فتوحهم ورزقتنا رزقهم يارب.
"زحزحنا عن النار وادخلنا الجنة وارزقنا الفوز يا بارئاً لا مُدبر سواك"
بدأت علاقتي بسورة آل عمران في صيف "2012" وأنا أجري بين المساجد أدرك ركعتين،في كل منهم، هرباً من شيوخ الأوقاف، ومن أئمة حري بهم ألا يقدموا لإمامة الناس في شهر الفتح والبركات.
كانت آية " يعز من يشاء ويذل من يشاء" هي الفتح المبين، أخذت بقلبي إلى التجول في المصحف بحثاً عن تثبيت الله مما زلزلنا من فواجع عظام. كنت أنفض الدمع والدم الذي في مخيلتي وأنا أتصور أن الله قد أذل من سبقهم، و أعزنا بعض يوم، وألحقت بنا الذلة وهو القادر ...فتثبيتاً من عند أنفسهم ونصراً من لدنه فحسب.
(2)
كل منا يحضر قلبه بطريقة ويستكين بآخرى، وأنا لا أعرف كيف يتفطر كبدي عن آي القتال، وكيف لم ألحظ جلال السورة قبل اليوم، وقد ضمت جوانحها حكاية نصر بدر بألاف من الملائكة منزلين، ومحنة أحد وثبات الذين صدقوا وما بدلوا تبديلاً.
تذكرني نسمة بقول الله " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم" و أنا أكمل " إن تكونوا تألمون فأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون"
وكأن الله قد سوى كل نفس وخلق الله من اليقين ما يطيب به خاطرها؛ ونحن الذين خلقتنا نسعى فى الأرض نحسب أننا نبتغي وجهك بقضاء حوائج عبادك، أو قول الحق ودفع الظلم، يمسنا الشر والذلة ومخافة الفتنة، ألا أنزلت على قلوبنا برداً يارب؟؟.
نسأله اليقين الجلي كنور الشمس لا تصيبه فتن كقطع الليل مظلمة.
(3)
يتهدج صوت الشيخ يتلو " إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظلمين"
يا الله ... كأنك تخاطب جراحنا نحن وقد مسنا القرح المبين وحقت علينا سنتك في تداول الأيام. فحسبنا أننا منصورون وأننا مهزومون وكلها دول جرت بيننا وبين الظالمين.
لا نعرف أين نهرب حين نجرح؟ وفيم آلامنا؟ وعلة الشر والذِلة؟ ومهما رُزقنا من علم وفهم يبقى موضع اليقين القلب؛ يملأه فيصير جناناً ثابتة الأركان، أو ينخفض حمله فنصبح جميعاً وقلوبنا شتى.
ثم إنا نسألك الشهادة وقد نسينا أنك تتخذ شهداء! تتخذهم وتصطفيهم وتطهرهم، وهم يسيرون بيننا يأكلون كما نأكل، ويذرفون الدمع، ويظلمون ويُظلمون، لكن قد اصطفيتهم يارب. فأنعم علينا باصطفائك، حيارى بلا هداك، مكلومون بلا جبرك، اصطف منا الشهداء والصديقين يا من تتخذهم -بلا مًريد لرفعتهم سواك-.
(4)
" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جهدوا منكم ويعلم الصابرين"
بلى يارب حسبنا أن ندخل الجنة ونُمكن في دار الفناء، ونؤتى اليقين والاستعمال والخدمة والمحبة، وكل هذا بلا جرح ولا قدح.
واليوم أُلقي في رَوْعنا النور أن كنا على ضلالة. لا تلهج ألسنتنا إلا سؤالك دفع الفتن يارب، فما لنا بها قوة.
نصبر يارب.. ولكنك المعين تؤت الحكمة من تشاء وتؤت الصبر من تشاء، فارزقنا صبر الأنبياء ودأبهم.
وأرنا سبيل الجهاد الحق، وأعنا على جهاد شرور أنفسنا، ودفع ذُُرى الباطل التى اعترت سبلنا بسوادها، واصطفنا يارب، فما لنا عيش إلا عيش الشرفاء بِك.
(5)
" والراسخون في العلم يقولون أمنا به كل من عند ربنا" "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب"
هم قد هدأت نفوسهم إذ رسخوا في العلم يارب واهتدوا بفضلك يارب، ونحن نسألك العلم بك والفهم عنك. ارزقنا العلم السليم يلج القلب السليم فيكن له هدي ورحمة. لا نعرف بابا نلتمس فيه العلم وقد تشابه علينا يا مولانا، فارشدنا وهئ لنا من أمرنا رشداً.
" إن الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا"
"هو" قد رأيت فى عينه ثباتاً ويقيناً والله ما شهدته منذ سنوات. كلنا تائهون، كلنا تؤمن عقولنا وما بلغت قلوبنا مقدار ذرة من بصيرة، الظُلَمُ أخذت بأفئدتنا أخذا عزيزاً. و "هو" -رغم عظيم المحنة- قد وُسع له في صدره رياضاً من رضوانك وجنةَ.
استحال صدري ضيقاً حرجاً كأنما أصعد في السماء، فما حسبت أن يقيني زائف حتى رأيت بعيني كيف تكون آي اليقين في قلب عبد مؤمن - نحسبه ولا نزكيه-.
قد تكون أحمالنا كريشة ونهلع لها وتكون أثقالاً فنحتمل، فهذه السعة منك يارب، سُرنا بين يديك، ترفع عن أرواحنا وترزقنا الثبات واليقين.
(6)
تماماً كما سبقتها أختها في أول الحزب الثاني من الجزء الثاني، "وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ".
في أول الحزب الثاني من الجزء الرابع تأتي البشرى، "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ "
أذكره وهو يتخفى بالصدقة وبركعتى الليل، يقول أنه سينهي عملاً أو ينام قليلاً، وهو يترك رغد العيش وطيب المقام إلي مبيت في الجبال بين الرصاص والدماء، ثم يوص قبل أن تبارح قدماه موطنه " إن مت ورأيتم لي آثار شهادة، فأخفوا خبري وخبروا الناس أى شئ غير ما تقدمت لله به، أرجو الإخلاص فأعينوني عليه". يخطئ في همزة القطع -يصلها- فيشطب بقلمه الأزرق ويعيد الألف بخط منتظم ثابت النهايات.
يحسب الناس يارب أنهم أموات، بلى يارب لا يشعرون، ولا يبصرون. لكن من عاشر شهيداً يعرف كيف يكون بين جنبيه، يعرف بركته تحل، وذكراه لا تنقطع، ورجاء شفاعته فيمن لم يلحقوا بهم. يطمأنهم قولك أنهم فرحين يما أتيتهم من فضلك، ينسيهم الوعد أنهم "مقتولون" فلا نقول عنه إلا "الشهيد الغريب".
نطمع في عظيم المقام يا مولى الضعفاء، نستحي أن نسألك مقامهم ونحن من نحن عليه، نعيد الدعاء (أن ترزقنا أعمالهم وصدق سرائرهم وإخلاص نواياهم وما وقر في قلوبهم)، نطمع في منازل فيها لا خوف علينا ولا نحزن ونحن كلنا دنس، فنسألك أن تطهرنا وأن تصلح نوايانا وأعمالنا.
نعلم أنا لو صدقنا العزم لوجدنا السبيل، وكلنا ضعف فنسألك العزم وسواء السبيل.
(7)
نحن بك وإليك يارب، عسانا نكون، وتستوي طرائقنا، وتهتدي نفوسنا، نحن من نورك ومن زمرة عبيدك الجهلاء يلتمسون خطى العارفين، ألا فتحت علينا فتوحهم ورزقتنا رزقهم يارب.
"زحزحنا عن النار وادخلنا الجنة وارزقنا الفوز يا بارئاً لا مُدبر سواك"
تعليقات
إرسال تعليق