المشاركات

عرض المشاركات من 2019

يا مِثْلٌهٌ لاجِئاً

صورة
ينحل رباط الحذاء للمرة العاشرة أو نحوها، فأمارس عادتي في التعجل متحملة الوضع القائم على أن أنحني من جديد، أعرف أنني سأتحمل بجلد دربت جسدي وجنباتي عليه طويلاً وسأمشى إلا أن يعيق تقدمي: كأن السير هو الغاية وعلى المطية -التي هي أنا هاته الساعة- أن تكابد فحسب. أتفقد الخارطة وأعود للوراء مرتين لأكشتف أنى كنت على المسارالصحيح -هي عادة لندنية آخرى لم يشفع لي فيها طول مكوث- أتخيل  معضلتي الوجودية في إدمان المشقة حد أني أجذبها بطاقة غيبية لا يسع إدراك كنهها ولو وَلّيِ في خُلْوَةِ عُلْوِيَة.  " يارب صلِ على النبي وآله .. وكذا السلام يفوح من أعطاره" ينساب صوت الشيخ الجفري في أذني مباغتاً فيقطع سيري العبثي لبلوغ الوجهة.  أَوْشَكُ العَامُ أَنْ يُخْتَتَم، وشُرودِي لم يَهتدِ بَعْد. أٌقَلّبُ عَيْنَاي في الأِشجارِ الوارِفة من حولي كأنّي أبحثٌ في أوراقِها عن دلالة ما أنها تسبح لله: أن هذا الضيق في صدر الأَمَةِ فَقْدُ حَقِيقي، لإيمان حقيقي، لرب موجود وشهيد. لا هَوّيَةً وشَعِيَرة تَنْقَطٌعٌ باْنقِطَاعِ الَمَددْ. نَسْمَةٌ الهَوَاءِ البَارِدَةِ تُشْبِه تِلْكَ الَنْسمَةٌ في الليّلَةِ ال

قمرُ رابٍعْ

صورة
مشيت بالأمس إلي المنزل، قطعت العشرين دقيقة على قدمي عوضاً عن انتظار الحافلة لتسع دقائق في برودة هذا المساء. أمارس عادتي الجديدة في تفقد جدول المواعيد كل دقيقتين علني أقابل الحافلة في المحطة القادمة.. حبست رأسي في الهاتف مرة أخرى رغم نداوة الهواء هذي الليلة وحقيقة أن لي حرية استكشاف شوارع جديدة، لا أدركها في الطريق المرسوم كل يوم_ يحده تنبيه يومي بحالة المرور في المنطقة، و تنبيه أخر بموعد المحاضرة التي لم أصلها أبداٌ في موعدي. حبست رأسي في الهاتف وأهملت المغريات التي تجر الفراشات في قلبي للتجول .. للتخفف ... واتبعت الطريق المحفوظ ! عادة جديدة هي الأخرى أن أكف عن المناوشة والمحاولة، عن إيجاد المتعة في الطريق؛ تلهي عن ظلمته. يشير التنبيه أن ( هاء ٩ ) سيصل بعد دقيقتين، وأرى لافتة (نيكواي كريسنت) تلوح بعد أربع خطوات ونصف .. لكني أفكر أن بوسعي صنع انتصار رضيع آخر إن تجاهلته، حتى إن كان مصيره كالفستان الجديد الذي وصل اليوم بسعر جيد، و كسعادتي لما نطق سالم حرف الحاء ورائي في سورة النصر صحيحاً، وكقصة الخمس باوندات التي تبقت من تحدي الحياة بعشرين لمدة شهر كام

لوزة

صورة
(١) كانت صغيرة بحجم راحة اليد، مغمضة العينين، يوحي فراؤها المنقوش أنها دمية تعمل بالبطاريات. لكن انكماشتها في الحد الممتد من رأسها لذيلها كان دحضا لفكرة الدمية الصغيرة. على السلم كان يصعد بصعوبة تسمع صوت تنفسه قبل أن يمد المفتاح للباب، يضع الأكياس البلاستيكية منادياً الصغير أن يفرغ كل منهم في الثلاجة، يبدأ بشكوى الظهيرة تجاه لا مسؤوليتهم، وإرهاقه، وعجزه عن أن يكون متعهد كل مهام الأسرة وحده. يخفت صوته وتزداد تأوهاته من آلام الظهر، ثم يكمل طريقه للمطبخ. توحي حيات البطاطس في الطبق أنه على وشك إعداد صينية البطاطس الشهيرة- بطاطس الجيش- كما أصبحت تعرف فيما بعد أو يكتفى بإلحاق اسمه بها، كما تلحق صينية الكوسة باسم أخيه. يراه الأكبر فيتذكر هذه الحقيقة فيقرر لف بعض شطائر الجبن للنجاة من رحى الجوع ومطرقة صينية البطاطس السالفة. يفتح باب الغرفة فتموء لوزة ويكتشف أبوه وجودها، وتبدأ المواجهة. (2) فيما كانا  منهمكين في الجدال حول ضرورة ذهاب لوزة ومحاولاته استبقاءها، لم تحظ هي بأي دعم سوى من الصغير، الموكل بكل المهام الصعبة، يحاول أن يسقيها بعض الحليب ويربت على رأسها بأصبعين. من خلفة وقفت هي تواجه