يا مِثْلٌهٌ لاجِئاً
ينحل رباط الحذاء للمرة العاشرة أو نحوها، فأمارس عادتي في التعجل متحملة الوضع القائم على أن أنحني من جديد، أعرف أنني سأتحمل بجلد دربت جسدي وجنباتي عليه طويلاً وسأمشى إلا أن يعيق تقدمي: كأن السير هو الغاية وعلى المطية -التي هي أنا هاته الساعة- أن تكابد فحسب. أتفقد الخارطة وأعود للوراء مرتين لأكشتف أنى كنت على المسارالصحيح -هي عادة لندنية آخرى لم يشفع لي فيها طول مكوث- أتخيل معضلتي الوجودية في إدمان المشقة حد أني أجذبها بطاقة غيبية لا يسع إدراك كنهها ولو وَلّيِ في خُلْوَةِ عُلْوِيَة.
" يارب صلِ على النبي وآله .. وكذا السلام يفوح من أعطاره" ينساب صوت الشيخ الجفري في أذني مباغتاً فيقطع سيري العبثي لبلوغ الوجهة. أَوْشَكُ العَامُ أَنْ يُخْتَتَم، وشُرودِي لم يَهتدِ بَعْد. أٌقَلّبُ عَيْنَاي في الأِشجارِ الوارِفة من حولي كأنّي أبحثٌ في أوراقِها عن دلالة ما أنها تسبح لله: أن هذا الضيق في صدر الأَمَةِ فَقْدُ حَقِيقي، لإيمان حقيقي، لرب موجود وشهيد. لا هَوّيَةً وشَعِيَرة تَنْقَطٌعٌ باْنقِطَاعِ الَمَددْ. نَسْمَةٌ الهَوَاءِ البَارِدَةِ تُشْبِه تِلْكَ الَنْسمَةٌ في الليّلَةِ الأٌولَى، كانت خريفية مثلها وباردة مثلها، ولم يتحملها ردائي الصيفي مثلها فطار كالمظلة.
أعقد حذائي بذات العقدة الواهية .. وأعقد أصابعي بالصلاة على النبي .. -صلاة كانت ردءاً بين الضلالة وبيني. أنحني واهنةٍ وأنا أَهٌزٌ رأسي آملة أن تسقط كل مخاوفي منها، هكذا في مَيْلَةٍٍ وَاحِدَة. أٌلْقِي حَجَراً صَغيراً فَيطِيرٌ بِهِِ سِرْبُ كَامِلُ من الحَمَائمِ، ينتظم في مثلث عظيم ويَدورُ فوق رأٍسي تماماً " صلي عليه الوحش في أقفاره .. صلى عليه الطير في أوكاره" يشدو الصَالحٌ فأَعْقِدُ أَصَابِعيِ بالصَلَاةِ على الَنِبيّ .. صلاة كانت جَواباً لليالِ الِعٌزْلَةٍ الطَوِيلَة: سَاعة تَضِيقٌ قٌيٌود التِيه والَمَسْأَلة عن رَوْحِ الله، ومَناطِ الخَلْق. أٌصَلّي على الَنّبي صَلّاةً صَحِبَتْني -وصَوْتٌ الَمّداحِين لأكرم الخلق وآله- حين فَرَغَتْ مني الصٌحْبة واسْتَوحشَ مِني كُل أُنس.
تدفعني البرودة وبداية قصيدة "ما مُدَّ" إلى تفقد الخارطة من جديد فأجد على يميني المسجد الذي أضناني البحث عنه آملة في إدراك جماعة المغرب،وآملة أنْ يَكٌنْْ مَسْجداً على ما أراد الله يَسْمح بدخول النساء. أحملٌ صَلاتي عَلى الّنِبي مع خُطْوَاتِ السٌلّم المرتفع ولافتات الإرشاد إلى قاعة الأخوات، كُتِبَتْ بعَرَبيةٍ مٌتَكَسّرَة وخَطْ طُفُولِيّ يٌشِي أن كَاتبته فَخورةً بما أتقنته من لغة القرآن. أٌصَّلي على النبي فينفتح الباب عن امرأة طويلة تتذكرُ "جيران بذي سلمٍ".
في دائرة صغيرة يقطعها لهو أكم من صبية -خضر العيون عربيو الأسماء- انسابت الأنوارٌ الدٌرّيةُ من فمِ ذَاتِ الّرداءِ الطَويل بلهجة يبدو فيها قٌوةٍ إِمَالةٍ أَهْلِ الشَمال ولِسَان بدا واثقاً من الحاء والعين. " يا نبي سلام عليك .. يا رسول سلام عليك ... يا حبيب سلام عليك" ذاب صوتٌ السيدة وَسْطَ الَعشْرَةِ مِنَ الِنسَاءِ حولها .. وطَفَقنْ ينتقلن من مدح "خير من يمم العافون ساحته" إلى سٌؤْلِ الشفاعهِ باتباعه انتقالَ العصافيرِ بين الضٌحى والمَغِيب. صَلّيتٌ المغرب برَحمةِ سٌورةٍ الَعصْر وأسْنَدتٌ تَعَبِي كٌلّه إلى الحائطِ الَبعِيد. صَلّيتٌ مَعهنٌّ على النَبِّي وأنا أَهْمِي هَمْي مَحْرُومٍ طَابَ لهُ وُصُول .. مَكْلومِ يسألٌ اللَهَ أن يٌحْيَّي -لهُ- المَوْتَى لِيَطْمئَن قَلبٌه وإذ به يجدٌ مدده وراء حائط متآكل اللونْ تَعافٌ النَفْسَ أنْ تَسكَنَهُ قليلاً إِلا أَنّ تَشْهَدَ ألّا إِله إِلَا الله.
بسلاسة المحبين تبادل، مٌتَحَدََّثاتِ العَرّبِيَةِ مِنْهٌنَ، السلام على خَير الخلقِ كٌلٌهمِ، سَلاماً شفى طَرفاً من تعبِ الغريبةٍ التي لَم تَخلع سماعةَ الأٌذنِ لِشٌهور، فقط لتتدرع بالصلاة على النبي في عالم غريب؛ ظنّت أنها قطعت كل وادٍ فيه بحثاً عن رحمة الله وذكره. ضممت ساقاي وعَقَدُت جَسَدِي كُلُه بالصلاةِ عَلى خَيرِ الخَلْق الَمْمدوحٌ ... أَرْجو بها أن يَنْفَتِح ما أٌغْلَقَ عَلِّي في عامِ حٌزْنِ طَويل كعام الغار وثَلاثةِ الِشعْب.
"أٌختي ألا تنضمين لنا" ربتت "طيبة" كما عَرّفت نفسها على ذراعي وهي تناولني ذراعاً أستند له لأقترب. في هذهِ الُغْرفَةِ الصغيرة ورائحةٍ الٌعطٌونةٍ الفَائحة من أرضها اغتسلت من وَحْشَتي في صَنيعةٍ أَقْداري في هذه الليلة تأملّتٌهاَ وأنا أصدق أنه لن يضيق جاهٌ رسولِ الله بي .. ما لزمت الباب ولو في حقيبتي حِمْلُ العَالمِ من الخَوْفِ والقُنُوط. تّبْتهلٌ "نسيمة" بالمصطفى أن يٌبَلّغ مَقاصِدَنا فأرى في وجهها غربي الملامح رحمةٍ الله، يعفو ارتباكها- عند مقام البيات وثقل العين من وسط " يا واسع الكرم" عن كل شٌكوكي تلك الساعة. فأتمتم" ما رنحت عتبات البان ريح صبا".
"أٌختي ألا تنضمين لنا" ربتت "طيبة" كما عَرّفت نفسها على ذراعي وهي تناولني ذراعاً أستند له لأقترب. في هذهِ الُغْرفَةِ الصغيرة ورائحةٍ الٌعطٌونةٍ الفَائحة من أرضها اغتسلت من وَحْشَتي في صَنيعةٍ أَقْداري في هذه الليلة تأملّتٌهاَ وأنا أصدق أنه لن يضيق جاهٌ رسولِ الله بي .. ما لزمت الباب ولو في حقيبتي حِمْلُ العَالمِ من الخَوْفِ والقُنُوط. تّبْتهلٌ "نسيمة" بالمصطفى أن يٌبَلّغ مَقاصِدَنا فأرى في وجهها غربي الملامح رحمةٍ الله، يعفو ارتباكها- عند مقام البيات وثقل العين من وسط " يا واسع الكرم" عن كل شٌكوكي تلك الساعة. فأتمتم" ما رنحت عتبات البان ريح صبا".
أنهت المَدّاحة شِقَّ الجِلْسَةِ الأَوّلْ، وافترشت الأرض ألصق ما تكون بالمستمعات، سوت حجابها البني البسيط وأضاء وجهها بابتسامة بيضاء سَاكنّة ثم طّفَّقّتْ تُذّكّر بعِظَم جمعهم في هّذا اليَوْم لذِكّر طّه. تضم قبضة يدها بعفوية على موضع القلبِ مِنْ صَدّرَها مُبَشْرّةً بأن اللَه يصلي عليهم الآن الآن في ملأ من الملائكة. بذات الخِفّةِ تنتقل لموضوع كلمتها عن المعانِ من رحلة الحج هناك " في البيت الحرام"، خِفّةٍ لا لبس فيها خرجت من القَلّبِ تماماً حتى انعكست على قسماتها فصبغت انجليزيتها الرصينة دقيقة التعابير بوُدٍ ودفء ٍ عَجبت له أذني أن يَجْتَمْعاَ. تشبه السيدة أمي وابتسامتها في درس الإحياء من مسجد النور ببلدتنا الصغيرة، كُنت ابنه الرابعةٍ أو نحو ذلك أجري تحت قدميها وبين أيدي الحاضرين وهي تشرح كتاب الصبرمن الإحياء: لا يزوي الرضا من وجهها، ولا تتحدث إلا ببشري وهونٍ على هون. تهتفٌ الصغيرةٌ ذات الشعر الأسودٍ فجأة " صلي الله وعليه سلم" فتضحك الحاضرات جميعاً وأعود إلى مكاني أتحسس المسافة بين لهجة المتحدثة سريعة الإيقاع جميلةٍ الحمولة، وبين الوجوه التي اعتدت غٌشْيَانِها في المساجدِ في رٌبٌوعِ أرضِ الله. بين بساطتها وتعقيدهن، بين تأكيدها على جلال ذكر الحبيب والمحبة التي أغرقتها رأساً لأخمص، و لافتة البدعة والشرك التي لاحقونا بها. أصلِ على الحبيب صلاةً يتبخرنّ بها كل هَمّي ولو لبرهة من زمن.
أبحث عن الكلمات في رأسي دائم الضجة فأجد قفراً إلا من رجا المدد من عريض الجاه .. توسلُ لا يأبه بتعريفات الاكتئاب الوجودي وفداحة نوبات الهلع. صّلّيتٌ على النَبّيِ كساعةِ صَلّيتٌ عليه في هذه الليلةِ الرابعة تحت المطر، نحو الواحدةٍ صَباحاً في شارع ميراندا كورت أضم حقائبي كالفراخ الصغار، أحمي وجهي من المطر، وأفرك يداي في محاولة عابثة أن أتخفف من البرودة، صليتٌ على النبي حتى فَتَرَ لٍسَاني أو تشقق في عالم غريب بلا مأوى ولا مهرب ولا معين، فكان ان انفتحت رحمات السماء تزخ مع مائِها، وانفتح الليلةَ صَمْتِي ببركةِ الصَلاةِ على الَنّبي.
بعد نحو لمْ أُحْصِه تستوقف "طيبة" شرودي بنسختها من البردة ومكبر صوت في فمي طالبة مني أن أقود الجمع بتلاوة الفصل الأخير مع الدعاء. يبدو الذعر على وجهي مع رفض مهذب لم يغير من لطف ابتسامتها وهي تقرأني كالماء الزلال " انتي ليس وحدك، الله هنا، نحن هنا، ادع لنا الليلة لنتشفع بألمك عند الرحمن". كأنهما ساعتان أو ثلاث مرتا منذ أشارت لي على الدعاء وبين همسي المبتل تماماً بالصلاة على النور ولد آمنة. ساعتين تشبهان تلك الجلسة على أبواب مسجد البيازين تماماً عند مقعد الشهيد عبدالرحمن الغرناطي، أرتل البردة وحيدة أخطب بها وٌدّّ الحَمْراء والعالي من أبراجِها. كأنّهما شهرين أو نحوهما ما استغرق بلوغ الدعاء عند ختامها، كانت المسافة بين ختام سورة مريم في جلستي تلك وختام البردة يشبه المسافة بين القاهرة وعواصم الحضارة المحيطة، وبين فتاة البلدة الصغيرة المتفجرة بالحماسة، و تخبط الغريبة الباكية على مجد تليد لا يقره سواها بين أطياف من الخلق أغلبهم لا يعرف للكون رباً. ألمح "طيبة" من وراء حاجز دموعي كما لمحت مغيب الشمس على الحمراء من عِلِّ فأقف لالتقاط طرفاً مما يغشى المجلس من رحمة أرجو بها ألا أضل بعد إذ هديت، وألا أنكر للكون رباً بعد أن شهدت.
تحتضنني الفتاة ذات القميص الأزرق-فجأة- مٌحاولة تصحيح لفظها "لياربي صلي على محمد" لأجد من خلفها نحو عشرين يتبادلن النظر بيني وبين تلة سييرا نيفادا تبدو من وراء أبراج الأميرات الثلاث. تعللت لصاحبة القميص الأزرق أنني لا أحفظ طالما أشكو غرامي كي أنهى حرجي، وتنتهي به ساعة التحليق بالصلاة على النبي التي أذهلتني حتى عن تجمع الخلق. كأنهما كانتا ساعتين بغير توقيت الناس حتى أتينا عند التسبيح بحمد الله شهادة أن لا إله إلا هو وحده لا شريك الله. صليت على النبي الليلة صلاة تنحل بها العقد وتفرج بها الكرب وتسبح لها الأكيار والأشجار والأقفار .. عدد ما انعقد في حلقي توسلي ألا أُحَْرَمْ الصلاة عليه ورجاء هداية من بعثه مغيثاً ومبشراً.
انطلق آذان العشاء بصوت خفيض .. سقى الله به ظمأي وتنقلت كفي بين أياد بيض و صفر و سود وبين ذلك كلها شهدت أن لا إلا الله.
#مية_ومواسم_الشجرة
#الغربة_ناقص_واحد
الرابع عشر من ذي الحجة عام ألف وأربعمائة وأربعين لهجرته عليه أطيب صلاة وتسليم.
الخامس عشر من أغسطس آب لعام تسعة عشر بعد الألفين من ميلاد كلمة الله.
هذه التدوينة من سلسلة تدوينات فصل الغربة بعاصمة الضباب اللندنية بالمملكة المتحدة.


Titan Metal | Titanium Art & Technology
ردحذفTitan Metal is a medium-sized, ford fusion titanium 2019 high-quality aftershokz titanium metal piece that features a snow peak titanium spork medium-to-high titanium dioxide exposure. A medium-to-high titanium ion color
b125o8tuvdn344 vibrators,Discreet Vibrators,realistic dildos,adult sex toys,vibrators,penis rings,dog dildo,dog dildo,sex toys l924g0cwzya793
ردحذف