عزيزتى الكانيولا

عزيزتى/ الكانيولا

صباح الخير  اليوم هو الثالث وعشرين من أغسطس. أذكرك إن كنت لا تعلمين أننا بهذا قد أمضينا شهراً فى رفقنا الأخيرة.
و إسبوعان من إقامتك الثقيلة المتواصلة.
من المداخل الدرامية اعتدت اقتحام جميع المشاهد، لذا لم أتوقع هذه المرة أن تنزل ضيافتك علىّ بسلام. وقد توقفت عن إحصاء المتاعب التى سببتها لى فى كل مرة، فلا أملك فى كل يد إلا خمسة أصابع.


تكتشف الأشياء الغريبة فى الأوقات الأغرب.

وجودك باليد اليمنى كان أرقاً شديداً خاصة إن لم أجد أحدا بالجوار يساعدنى، فحاولت تجنب ذلك ما وسعنى
للمرة الأولى انتبه أننى أعتمد على يسارى فى أغلب الأوقات وللدقة فيما عدا الكتابة واستعمال السكين فيسراى هى التى تتولى الأمر بلا وعى. أحمل زجاجة المياه بيسارى ، أقلب الطعام، أقطعه ، أحمل الأشياء ، أفتح الأبواب ، أرتب ، أرفع ، أنظف ، أقبض على شئ. تبدأ اليسرى العمل وتكمل اليمنى التفاصيل.

لا أنتبه لما أفعله إلا حين يؤلمنى رسغى فأتذكر أنك هنا.

الغربة نار مصداقا لجدتى رحمها الله. ورفقتك كانت خير تذكرة. لا يسعنى  ارتداء ثيابى، تمشيط شعرى، الإستحمام، الاعتدال فى حركات الصلاة، الكتابة ، إعداد الطعام، حتى كوب الشاى يصبح مهمة تحتاج تفكير وإعداد مسبق. كرهتك جداً فى هذه المرة، وكرهت الندبات التى تركتها ورائك فى كل وريد فشلت فى ولوجه، أو مزقته او سببت التهابا وخرجت بلا فائدة.

الأن أتحسسك برحمة صديق لرفيق. اليوم الثالث يعنى الوداع.

 كنت ودودة للغاية فى ثلاثتك هذه، تمررين المحاليل ببساطة، يسهل تنقيتك من الدم المتجلط، تعودين لامتصاص محتويات المحاقن بسرعة، حتى أنك تحملت غبائى كلما ضغطت عليك دون وعى وأكملت عملك فى الداخل دون معاندة .أتأكد فى كل دقيقة أنك مستقرة تحت الضماد، وأننا لن ننشغل بك عن المرض نفسه من جديد.

الألفة محبة فى بعض الأحيان، صدقينى سريعة كانت الألفة حتى أنى سأبدأ الإعتياد على معصمى دونك.


أملك ثمنك وثمن الأدوية التى أنت موجودة لتمريرها إلى دمى. إلا أن السخرية أن الأدوية ذاتها ليست بالجوار.

محلول لا يتجاوز ثمنه العشرة جنيهات و تحول الحصول عليه إلى رحلة إبن بطوطة فى العاصمة. بعض الماء بالملح إنتاج شركة مدويك والنصر المحلية يقض مضاجع أباطرة الأدوية فيختفى من الأسواق لنعتاد حين يأتى الوقت أن نشترى البديل المستورد الذى سيظهر بكل طيبة لينقذنا. أملك ثمنك ورفاهية أن أشترىك ، و المهارة الكافية أن أتعامل معك بنفسى دون مساعدة، وإن لزم الأمر أتوجه لأقرب مستشفى خاص دون الإهتمام بالمقابل حينها.

لكن السيد الطيب الذى يقطن فى القصر إياه و يلهو عند الظهيرة  بأرواح الغلابة، اضطرنا للذهاب بأم أقدامنا للحكومة لنتعاطى الدواء الميرى.


" يا أستاذة، حضرتك المحاليل دى طوارئ يعنى مينفعش بأى حال تكون ناقصة ونحمد ربنا أنها لسه موجودة ف مستشفيات الصحة" المرض يفرق يا سيدتى بين الغنى والفقير. تبدين "بنت ناس"،  تتحدثين بذوق، قد تكونى مهمة وعلى صلة بحد مهم. تعاملك الممرضة باحترام و برفق ويضيف الطبيب للتذكرة تحويل لأخصائى و عند مغادرتك يعرض عليك عبوتين أو ثلاث من الدواء  ليجنبك معاودة الزيارة.

" أدوية الكيماوى ناقصة ف المعاهد والأمانات وجرعات الأطفال متوقفة وبنمشيهم من غير جلسات". خرجت أنا- والصغير- بك فى معصمنا الأيسر، أنا أفكر فى وساطة أحصل بها على الدواء وأمه لم تتوقف عن الدعاء على الظلمة ( الى هيموتوا ابنى).

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Chevening Scholarship Arabic Guide

Chevening Scholarship Interview Guide

IELTS Passing Brief guide